:::::::::::::
فكم من الناس يود أن يحسِّن من
علاقته بالله عز وجل، وكم من الناس يود أن يقلع عن المحرمات وأن يضع حداً للضياع الذي يعيشه،
وكم من الناس يرغب في التغيير نحو الأحسن في مستوى علاقته بأسرته أو
المحيطين من حوله، ولكن الخوف من المجهول، الخوف من فقد العلاقات ومن خسارة
الأصدقاء ومن معارضة المحيطين به، يحول بينه وبين تحقيق تلك الأمنية.
::::::::::::
إنني أقول لمن هذه حاله إن أمامه
فرصة ثمينة وتجربة فريدة تعينه على الإقدام وتحقق له ما يصبو إليه من التغيير واقتناص ما
تبقى من سني حياته قبل أن ينتهي به محيط العمر، فمن منا يعلم متى يكون
الرحيل.
إن أداء فريضة الحج بصدق وحسن توجه إلى الله عز وجل عامل هام في إحداث
الكثير من التغييرات في حياة الفرد المسلم بتجديد العهد مع الله عز وجل .
إذ أن استشعار المسلم أنه
يخرج من الحج كيوم ولدته أمه خالياً من الذنوب والآثام عامل قوي نحو التغيير الإيجابي وحافز مهم للثبات على الصراط المستقيم.
ولعل استقراء الواقع يعطينا صورة بينة جليّة عن صحة ما ذهبنا إليه، فكم من
أناس كانوا غارقين في الشهوات ، متنعمين بالملذات المحرمة كان الحج نقطة
تحوّلٍ كبيرةٍ في حياتهم .
فكم من الفنانين تابوا بعد أداء الحج.
وكم من المقصرين استقاموا بعد الحج .
وكم من المسوفين كان الحج
الخطوة الأولى لهم نحو تغيير جذري شمل جميع نواحي حياتهم.
إن بذل الأموال ومفارقة الأهل والخلان وتجشّم مشقة السفر والصبر على الصعاب
تعني هجرة الإنسان إلى الله عز وجل وهي تُذكِّره بالرحيل والانتقال من هذه
الدنيا ، وهو عندما يرفع صوته بالتلبية فهو يعاهد الله على الالتزام.
الحج تلك الشعيرة العظيمة هي في الواقع
مدرسة يتربى فيها المسلم على الانضباط والالتزام بأوامر الشرع والابتعاد عن
نواهيه، فهو يعيش أيامه في المشاعر المقدسة بين أداء واجب من واجبات الحج
أو الابتعاد عن محظور من محظوراته، مما يولد لديه حب الالتزام والرغبة في
التغيير والانتقال من حال الانغماس في المعاصي إلى حال الاستقامة، ومن حال
التقصير في الواجبات إلى حال المسارعة في الخيرات، ويمنحه شحنة إيمانية
قوية تعينه على مقاومة معارضة التغيير من حوله.